12 فبراير، 2025

الاخبار الاقتصادية التركية – اخبار الاقتصاد التركي- اسعار العملات

نهتم باالاخبار الاقتصادية في العالم الاسلامي والعالمي و اسعار العملات و المشاريع و الاستثمارات و تقديم تقارير شاملة حول المال والاعمال

تعويم الجنيه السوداني والاشكالات الاقتصادية

منذ أن تخلت الولايات المتحدة الامريكية عن قاعدة الذهب تبعها العالم في التخلي عنها، وبالتالي أصبحت القاعدة في تحديد سعر صرف العملات آلية معينة، تشمل هذه الآلية احتياطي الدولة من النقد الأجنبي، واحتياطي الذهب، وحجم الناتج المحلي الإجمالي، فكلما كان الناتج محلي يتمتع بقيمة مضافة عالية كان مؤشرا لحجم الاقتصاد ونموه خلال فترة زمنية مهينة، وهذا ينعكس على قيمة العملة بصورة واضحة، حيث تكون قادرة على تصدير منتجاتها إلى الخارج وبالتالي يزيد رصيدها من العملات الأجنبية والذهب، وهذا يمكنها من تحديد سعر صرف متوازن لعملتها مما يمكنها من حماية مصالحها الاقتصادية، ويعمل على تنشيط الاقتصاد المحلي، ويحافظ على مقدرات المجتمع من المدخرات والثروة.
يتخذ قرار تعويم العملة المحلية في الاقتصادات التي تعاني من مشاكل مزمنة وتدهور مستمر، وهذا القرار تطبيقا لشروط صندوق النقد الدولي، أو ما يعرف بأجندة صندوق النقد التي عادة ما تتضمن حزمة من الإجراءات من خلال برنامج مراقبة، من بينها تعويم سعر العملة، مع تحرير سعر الفائدة، وتقليل عدد العاملين بالقطاع العام، وتبني برنامج لخصخصة القطاع العام، وتحرير التجارة الخارجية، وفتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية، وإنهاء دعم الحكومة لأي سلع أبرزها الوقود والكهرباء والخبز.
جاء في الأخبار أن هناك تعويما جديدا للجنيه بحسب أن بنك الخرطوم وأم درمان الوطني وفيصل الإسلامي زادت سعر شراء الدولار، لكن الأمر طبيعي وليس تعويما جديدا للجنيه، حيث بدأ السودان في تطبيق نظام تعويم الجنيه لأغراض توحيد سعر الصرف منذ فبراير 2021م وكان تعويما مدارا (جزئي) في المرحلة الأولى، وقرار التعويم هو أحد اشتراطات صندوق النقد الدولي التي وضعها للحكومة الانتقالية في برنامج المراقبة الذي وقعته الحكومة السودانية في يونيو 2020م، وبعد عام في مارس 2022م جرى التعويم الكامل للجنيه. خلال فترات التعويم الجزئي والكلي استقر سعر صرف الجنيه لفترات محدودة ولم يكن ذلك مؤشرا على أية تعاف اقتصادي، ولم يحقق نتائج إيجابية على الاقتصاد أو الواقع المعيشي للمواطن.
كان تعويم الجنيه السوداني في ظل الاقتصاد المنهار والحالة السياسية التي تتميز بالضعف وعدم الاستقرار مجازفة لم تحسب عواقبها، والحرب الحالية هي أحد نتائج عدم الاستقرار السياسي، التي أدت الى المزيد من التدهور الاقتصادي والانخفاض في قيمة الجنيه بصورة سريعة لن يجدي معها نفعا التعويم.
في الظروف الطبيعية ربما تكون هناك إيجابيات نتيجة لتعويم العملة، من الإيجابيات يمكن أن تتحقق من عملية تعويم العملة، منها القضاء على السوق السوداء، نتيجة لتوحيد سعر الصرف الرسمي مع سعر السوق، أيضا يحقق توحيد السعر اتجاه الناس للتعامل مع محلات الصرافة والبنوك، وهذا ما حدث في فبراير 2020م حيث صاحب قرار التعويم الجزئي للجنيه أمام العملات الأجنبية تفاعلاً من المواطنين بالداخل والخارج مما دفعهم نحو تحويل العملات الأجنبية عبر البنوك والصرافة، بدلا من السوق الموازي (السوق السوداء)، وهذا يؤدى إلى لمحافظة على الاحتياطي من النقد الأجنبي، أيضا ثبات سعر الصرف يؤثر في سلوك الناس واتجاهاتهم نحو الاحتفاظ بالدولار كمخزن للقيمة بدلا من الجنيه.
إن استمرار تعويم الجنيه في ظل الحرب الدائرة حاليا، وفي ظل الظروف الاقتصادية المضطربة، له آثار اقتصادية واجتماعية سلبية، فمعدلات التضخم سوف تزيد، بالإضافة الى استمرار حالة الركود في ظل اضطراب حركة الأسواق، كما سوف يتضرر المنتجين وبالتالي الصادرات، والمستوردين، بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج والاستيراد، وكذلك سوف تتآكل رؤوس أموال البنوك لانخفاض قيمة ديونهم المستحقة لهم على الشركات والافراد والحكومة، وأيضا استمرا التعويم سوف يلقى بظلاله على قدرة الدولة نحو سداد ديونها الخارجية بسبب انخفاض عملتها، خاصة في ظل عدم وجود احتياطيات من النقد الأجنبيا، كما سوف يتضرر أصحاب المدخرات بالعملة المحلية حيث سوف تتآكل أموالهم، سوف تتأثر الصناعات المحلية، مما يؤدي إلى بطء شديد في النمو الاقتصادي، وينخفض الإنتاج وتزيد معدلات البطالة.
ان حالة الحرب ليست بيئة مثالية لنمو اقتصادي أو لتحقيق احتياطيات مقدرة من العملات الأجنبية، أو الوصول الى ناتج محلى اجمالي مقدر. وفي تقديري استمرار التعويم والحرب على السوق السوداء في ظل الظروف الحالية ما هو إلا لدعم المجهود الحربي. إن مطاردة سعر الدولار هي كالركض وراء السراب في ظل حالة اقتصاد السودان وظروف الحرب الدائرة حاليا، وفقدان السودان لتحويلات المغتربين التي أصبحت تذهب الى دول أخرى نزح اليها كثير من السودانيين بالإضافة الى توقف المغتربين عن قضاء اجازاتهم في السودان بسبب الحرب، واستمرار منصات شراء الدولار الخارجية، واستمرار المليشيا في نهب وسلب الأموال وسرقتها ومن ثم تحويلها الى دولار، وتراجع الصادرات وعدم الاهتمام بمواصفات الصادر على سبيا المثال إرجاع صادر الثروة الحيوانية المتكرر، وعدم قدرة بنك السودان المركزي على ضبط حصيلة الصادر.